الوصول إلى الخشوع
الوصولُ إلى الخُشوع
من اعتقد نَجَا ، ومَنْ اعتَقَدَ هَلَك ، وما بين الاعتقاديْن اعتقادُ الاستقامة المأخوذ عن طريق المُشَافَهة بالتَّواتُر لأنهُ أخطرُ الأمور ..
والنَّفعُ والضرُّ بيده هُو لا إله إلا هُو .. وخُلاصةُ الأمر أنَّ الأمر مُتعلقٌ بالاطمئنان النَّابع من التَّوكُّل .. كالطِّفل الصَّغير همُّهُ بسيطٌ لا يُفكِّر في الغَد ، فهو يعتقد أنَّ أبويه سيُوفِّران له الطَّعام فلا يجوع ولا يَعْرى ..
لو كان اعتقادُ الكبير الفاهم كاعتقاد هذا الطفل الصغير .. والله لكان يخترق الجبال ، ويمشي على الماء ، ويطير في الهواء ، كرامة استقامة ، لا كرامة إبليس ..
إذن : فالتوكلُ يُولِّد الاطمئنان ، والاطمئنان يتولَّدُ بالاعتقاد ، والاعتقادُ نَفْعٌ وضُر ، وما بين النَّفْع والضُّر اعتقاد الاستقامة ، فَمَن اعتقد بصَنَمٍ فقد هَلَك ، ومن اعتقد أنَّ السُّكونَ والحركة بالله فقد نَجَا ، والنجاةُ مقرونةٌ بالاطمئنان النابع من القلب الخاشِع ..
وهنا السؤال : كيف الوصولُ إلى حالة الخُشُوع ، فالخُشُوع حالة ، والسُّكون حالة، والعَصَبية حالة ، وهذه الأحوالُ نابعة من كيميائية الجِسْم ، هذه الكيميائيةُ خاضِعة للعَقْل ، وخُصوصًا العَقلُ الباطن الذي يَرتكِز على قواعد القلب وتحت مِظلَّته ، فصاحبُ القَلْب السَّليم كريم النفس مُتسامحٌ بسيط متواضع مُبتعد عن الكذب ، والمبتعدُ عن الكذب كالمبتعد عن وَسَط النار، والمُبتعِدُ عن المحَارِم كالمبتعد عن حافَّة جَبَل شَاهق إن نَظَرتَ استَغربْتَ ، وأصابَكَ خوف الذين إذا نَظَرتَ إليهم لولَّيتَ منهُم فِرارًا ..
والمُبتعد عن المحارم أسُّهُ كأُسِّ الأنبياء ، ورأسُهُ كرأسِ الملائكة ، شامخةٌ في السَّماء ، لا يخافُ لَوْمةَ لائِم ، ولا ينظر إلى الدُّنيا بالزِّينة، ويأخذ منها عِشْقَ الطَّريق ، ويدخلُ إلى عالم اللَّهيب بالعِشْق والحريق ..
السلامُ عَلَيكَ يا رسولَ الله .. السَّلامُ عَلَيك يا حبيب الله .. يا مُصطفى يا مختار وعلى آلك الأطهار .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
اللهم صلِّ صلاةً تفوقُ صلاةَ الإنس والجن والملائكة.. صلاةً لمخلوقاتٍ أخرى قد ذَكَرَتَ اللهَ وصلَّت على حبيبه منذ الأزل القديم بتعيين العِلْمِ رُسومًا للأرقام ، وأمامَ الرقم ألفُ ألف صفر ، ليس للمُبتدئ رقم ، وعلى آله وسلم ..
اللهم ارحمنا جميعًا واغفر لنا جميعًا وسدد رَمْيَنا للحقِّ يا أرحم الراحمين مُبتعدين عن الباطل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
◈◈◈◇◈◈◈
من كتابات فضيلة السيد الشيخ محمد تحسين الصالحي الحسيني النقشبندي القادري (قدس سره)