Erbil, Kurdistan
0751 175 8937
info@cmlifecenter.com

المال والسلطة والحب والعشق

المال والسلطة والحب والعشق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


المالُ والسُّلطة .. والحُبُّ والعِشْق

ما الفرقُ بين الإنسان الفرد البسيط المتواضع الذي يعمل في مجالات الحياة ، إن كان كَنَّاسًا أو طبيبًا .. هذه خدمة ، وهذه خدمة ..

الخدمة الأولى أتت من الحرمان من التعليم ..

والخدمة الثانية توفَّرت لهُ الظُّروف كي يصل إلى هذه المرتبة ..

فترى النفوسَ الطيبة التي تأثَّرت بهذا الدين العظيم يتساوى عندها التِّبْر والتُّراب .. أمَّا النفوسُ العليلةُ فتتغير وتَصْدأ كالحديد ..

جَرِّد الإنسانَ من السُّلطة والمال تراهُ فقيرًا بسيطًا متواضعًا يحبُّ الناس، ويأوي إلى الرُّكن الهادئ ..

أعطِ لهذا الإنسان مالا تجدهُ يَتغيَّر كالنُّحاس بمرور الزَّمن ، إذا أصابته الرُّطوبة ، ومَرَّت عليه الرياح .

أعطِ مع المال السلطةَ تجده ظالمًا قاسيًا لا يرحم أحدًا ، يَشْرَبُ بفنجان قهوةٍ مَصْنوعٍ من جَمَاجِمِ الناس ..

جَرِّدْهُ من السُّلطة تجدهُ يصرفُ كُلَّ أمواله في هذه الملذَّة ..

جَرِّدهُ من المال تجده يحاول الانتحار، ويقتل ويسرق ونحو ذلك من الآفات العظيمة التي تفتك بالإنسان ..

لننظُر إلى جميع من السُّلطة في العالم من الملوك، والسَّلاطين، والرُّؤساء، والأُمراء .. ماذا كانوا قَبْل السُّلطة ؟؟

وكيف ظَهَرَت بعضُ العوائل على بعض ..

ستجد دائمًا البُرُوز أتى من مَصْدر قوةٍ خارجية أيَّدَت هذه العائلة على حساب الأخرى، حَسَب الأهواء شرقية أو غربية .. وهذه هي حقيقة التأريخ ..

وإذا كان الإنسانُ فاهمًا لمعنى الإنسانية، وملتزمًا بالقوانين السماوية ، ومتأثرًا بهذا الدِّين، ستجدهُ بسيطًا متواضعًا ، حتى إنَّ النَّاسَ يظنون أنَّه مجنون أو إنسان تافه ؛ لأنه قد تخلى عن الأبهة والسُّلطة والمال ..

كم مِنْ عَالِـمٍ يَهُزُّ الجبالَ بِعِلْمِه ، وإن وَقَفَ في مِـحْرابه أنزَلَت السَّماءُ على رأسه النور ، ويُذْكَرُ في الملأ الأعلى ، لكنَّه بين الناس لا قيمةَ له ، لأنه ليس سُلطانًا أو صاحب مال ، فلا يحسِبونَ له حِسَابًا ..

حتى مع المنصب إن لم يكن لديك مال أو سُلطة سياسية ستبقى مُبْهمًا ، مجهولا، متروكًا على الرُّفوف ، لكنَّ التأريخَ مُنصفٌ ، وبعد (100 ) أو (200 ) أو (500) سنة ستظهرُ الحقائق ، ويُذْكَر هذا الفقيهُ المسكينُ بالتَّبْجيل ، هذا الفقيه الذي عَاشَ نَكِرَة ، ثم بعد قرون صار رَمْزًا يتبرَّكونَ بِذَيْلِ ثَوْبه .

المالُ والسُّلطةُ كالماء والهواء إن مَرَّت عَلى الحديد ، صَدَأ الحديد ، وإن مَرَّت على النحاس أصبح لدينا مادة عَطَّارية اسمُها الزَّرْكَة ( أول أوكسيد النحاس) .

السُّلطة والمال تمر على الإنسان فَتَسْلِبُه الإنسانيةَ إلا ما نَدَرَ ، أو ما رَحِمَ ربي .

أقول ما بين قوسين (( أحببتُ الضِّياءَ ، وعَشِقْتُ الظَّلامَ ما بين الحُبِّ والعِشْق ، زيادة في المبنى زيادة في المعنى ، الحُبُّ هو الحياة ، والتطور، والبناء، والازدهار، والأمن، والأمان، والرَّخَاء، والاستقامة، والعُبُور من بَحْر النَّدَامة والملامة إلى رُكْن كَهْف الحقيقة لنُقطة البِدَاية لِبناءِ أمَّة عظيمة ، وأمَّا العِشْقُ فسَهَرٌ وتوسُّلٌ وكأسٌ ونارٌ وهواءٌ وماءٌ وترابٌ ونَظَرٌ وفِكْرٌ وسَيْر وهِجْران وألمٌ وفِرَاق واشتياق وَحَسْرَة وانتظار وقَوْلٌ وصُرَاخٌ ونِدَاء وآهات وزَفَرَات تخرُجُ من الأعماق كأنَّها قد خَرَجت مِثْل الفُقَاعة مِنْ قَعْر البَحْر حتى ارتطَمَت بهواء السَّطْح فأنتجَت نَفسًا يَتَذكَّرُ نُقطةَ البِدَاية ))

البَحْثُ كُلَّ البَحْث عن الإنسان الكامل حَامِلِ القَلَم لا السِّكين كابني آدم باحثٍ عن الدُّنيا وعَاشقٍ للآخِرَة ، نَالَ الدُّنيا فكنتُ للقَاتل حفيدًا ، واختارَ الآخِرَةَ فَكان القَريبُ العاشقُ لربِّه لي عَمَّا ، فما بين جدي وعَمِّي أضَعْتُ الطَّريق .

أعتذرُ ما بين الحديثين المال والسلطة .. والحب والعشق ، ألوانٌ قد امتزجت كابني آدم ..

اللهم اغفر لنا ، وهيء لنا سُبُلَ السَّلام .. اللهمَّ حَبِّبنا في التعامل بالدين في سُلُوكنا اليومي لا في الظُّهُور فقط في العِبَادات ، اللهمَّ ارحمنا وأخْرِجْ من قُلُوبنا التَّعلُّق بالدَّنيئة كي نَفِرَّ إلى العَالية الأبَديَّة ..

وصلى الله على سيدنا محمد وآله الأطهار وأصحابه الأخيار ..

◈◈◈◇◈◈◈

من كتابات فضيلة السيد الشيخ محمد تحسين الحُسيني النقشبندي القادري رضي الله عنه وأرضاه