القشة التي قصمت ظهر البعير
القَشَّةُ التي قَصَمَت ظَـــهْرَ البــَـعير
مَثَلٌ يُتَداولُ بين النّاس ( القَشّةُ التي قَصَمت ظهر البعير ) فماهي القشّة ؟؟ وماهو البعير ؟؟
وأقول : نحن أمّة تَحمّلْنا تَحَمُّلَ الجبال ، وصَبرْنا صبرَ أيوب ، وقوتُنا قوة الصُّخور ، وأفئدتنا أفئدة الأمّهات ، وروحُنا روح جذّابة تأنُّ بأنين المَحْرومين ..
ماذا أقــول عن هذه الأمّة المُبتلاة بداء من ارتقى على رِقَابها كي يُداوي جِراحَها وعللها وأسْقَامها فإذا هو ينقلبُ إلى داء !!
فعلى مرّ الزمان ونحن نعيش بين الطُّغاة وأهل الاستبداد ، فالفقر يُحيط بنا من كل الجوانب ..
ما رأيتُ في هذه الأمة صناعة ، ولا اختراعًا مشهورًا ، ولا زراعة في بلاد فيكون لها الاكتفاء الذاتي . ولا مختبرات علمية تبحث وتُدقق وتمحص وتكتشف ، وليس لنا نصيب في الفضاء ، ولا جامعاتنا تُعد من الجامعات العالمية ..
الطب والتداوي والدواء متدني …..
فإن قال أحد : ما هذه الاتهامات ؟؟
أقول : انظُر إلى نسبة الأمراض في قومنا ، ودائما دوائنا مُتهَّم ، وبين الحين والحين نكتشف الأدويةَ الفاسدة ، والأطعمة الفاسدة ، والأسلحة الفاسدة ، والسياسة الفاشلة ..
عن ماذا أتحدث ؟؟
عن فشل التخطيط .. أم عن سوء الإدارة ؟؟
أم عن نفوس عليلة رنّانة .. رنتها في عُلو صوتها فقط .. وادعاء وكذب ..
أما الفعل فمجهول الهوية ..
* من القشّة ؟؟ ومن البعير ؟؟
البعير : الأمة المسكينة .. والقشّةُ : السَّاسة ما إن تسلَّطوا علينا إلا وأنزلونا في الوحل : جوع ومرض وفقر ، وعلى رؤوسنا الصَّقر ..
ماؤنا والحمد لله فيه من الأمراض ما يكفي لإبادة أمّة ..
وأما الخدمات : إن قُلت الضمان الاجتماعي فأقول لك : هذا الكلامُ مرفوض ، فنحن أمة رجال .. ما نفعل بالضمان الاجتماعي !!
وإذا قلتَ / المؤسسات الإدارية والخدمية فأقول لك إنهم لا يُسيّرون ورقة ولا معاملة إلا ومعها الهدية ( الرشوة ) ..
القاضي ينتصرُ لمذهب أو طائفة ، والجنديُّ يقاتل من أجل الراية لقوم أو عشيرة ، والوظائف مُحاصصة ، والكفوء مركون على الرَّف ، وذو الثقة الذي لا يعرف القراءة والكتابة وزير للتعليم !!
ربّما سأل أحدهُم : يا أخا الدين / أهذا كابوس أم رواية من الخيال ؟؟
فأقول : ما تكلمتُ إلا على عُجالة ، فإنَّ التعليم من سوء إلى سوء والتداوي عناوين فقط ..
وأما الخدمات فاسمٌ على غير مُسمى ، فإنَّ الأمة تعيش في فقر ، واستخــــــدمنا ( في) ظرفية ، فلو كان الفقر بيضة فمحُّ البيضة هذه الأمة ..
نداء إلى الضمائر الحية .. نداء إلى أهل العقول النيرة ، نداء إلى العوام أهل البساطة والحب والتضحية والوئام .. انتبهوا / إن الساسة قد تعلموا السِّحر ..
أتعلمون ما هو السحر ؟؟
أقول لكم : الكذبُ باسم الدين والمنهج والمذهب لكي يضحكوا على عقول المثقف والبسيط
والله إننا نعيش في أسوء ظروف وأصــــعب وقت ..
سبحان الله / نخرجُ من وحْل فنسقط في وحل أعظم ..
( كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا ۖ)
وكلُّ حكومة تطعن بالتي سبقتها أنها كانت ظالمة سارقة جحودة ، وهي تنعتُ نفسها بالعدالة والاستقامة ..
والله .. إن ساسة هذه الأمة في هذا الزمان لا يفكرون إلا بأنفسهم ، فلو ذكرنا فلان أو فلانة أو علان أو علانة ونقول لكل واحد منهم : ماذا كنت تملك قبل أن تخوض في بحر السياسة ؟؟
أنا أقول لك : كنت تملك حقيبة من المبادئ ولكنك عندما خُضت في بحر السياسة أضعت الحقيبة ووجدت صندوقا من المجوهرات قد سقط من سفينة علاء الدين ..
رحم سيدنا عمر بن عبد العزيز الخليفة السادس رضي الله عنه عندما سَنّ قانون :
مــــن أيـــــن لــــكَ هذا ؟؟
وسيدنا عمر بن عبد العزيز أموي النسب لكن قد تربى في المدرسة المحمدية فَعرفَ حق الرسول والآل صلوات الله عليهم ، وحق الصحابة رضي الله عنهم ، فطبَّق ميزان العدل .
فعلا إنه المُجدد للسُّنة المُحمدية ، وإنه المناصرُ لآل بيت النبي عليهم السلام فقد أجمعت الامة من جميع مذاهبها على هذا الإمام الأمير الفقيه العادل ، فقد كتب المؤرخون أنه في زمن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كـــــانت الذئـــــــــاب تـــــــرعى مع الغنم .. الله أكـــــبر ..
إننا في هذا الزمان ، وفي هذا الوقت العصيب ، وقت الرشوة والفساد والمحسوبية والقرابة والكذب والخيانة والادعاء نحتاج إلى قانون : من أين لك هذا ؟؟
ولكن إذا أردنا تطبيق القانون فلا نعتمد على الهيئات الموجودة حاليا .. فهي هيئات مُسيسة ..
نــدائي إلى رجال الدين من الزَّعامات الى الأتباع من كل المذاهب والطوائف ..
أفيقوا ؛ فإن الموت ينتظركم … ألا تؤمنون … اجعلوا الفتوى في مصلحة الأمة لا في مصلحة الفئة والمذهب ..
لا تستخدموا الفتوى للأغراض الشَّخصية والمصالح …
وندائي إلى العــوام .. لا تسبّوا الرموز الدينية من المتقدمين والمتأخرين
(( وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ))
ومسألة أخرى / لا تمدحوا أنفسكم وعلمائكم ، وتستهينوا بالمقابل وعلمائه ، وهذا النداء لكل رجال الدين والعوام والمذاهب والأديان (( كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ))
وقبل أن أختم حديثي أقول للسَّاسة :
أليس هنالك رجال ؟؟
فكل رجل من الساسة صاحب منصب إداري ينتقل بين الوزارات والمديريات والفروع الصغيرة من دوائر الدولة ، أليس هنالك رجال غيركم ؟؟
أليس هنالك عقول ؟؟
هل أنتم تفهمون من الري إلى التعليم ، ومن الأمن والدفاع إلى الإسكان ، والله إنكم رجال تملكون مهارات لا يملكها حتى الشيطان .. وعلتكم أنكم كجهنم تطلبون دائما
( هل من مزيد ) فإن كان يملك بيتا يُريد الآخر ، وإن كان له جبل من ذهب فيطلب الآخر فهم لا يكتفون ..
كفاكم طمعا .. كفاكم جشعًا .. والله أصبحنا أضحوكة بين الأمم الأخرى ..
آهٍ من الجراح قد أدمت رأس الأمة إلى أخمص قَدَمها ..
أعتذرُ منكِ يا أمّي .. يا أمّتي كثيرًا فسامحيني ؛ فإنني رجل لا أملكُ غير عصا وبعض كلمات أتمتمُ بها ، وأخطُّها على القرطاس وأناجي بها ربّي ..
اللهم ارفع هذه الغُمّة السَّوداء الحالكة الثقيلة البغيضة العفنة عن هذه الأمة المغلوبة على أمرها ..
اللهم إن الشياطين قد سَلطت هؤلاء الناس على رقابنا ، اللهم إن اليهود أمة قتلت أنبيائها فغفرتَ لهم فصاروا أمة يحكمون العالم ..
اللهم إننا أمة نعترف بذنوبنا فقد قتلنا آل بيت النبي عليهم السلام ، والصحابة والعلماء والصالحين رضي الله عنهم ، اللهـــــــم إنا نتوب إليك فاغفر لنا ، وسلّط علينا من يرحمنا يا رب ..
اللهم أحرق القشّة وذرها في الرياح كي يقوم البعير سالمًا غانما فيأكل الكلأ ويعود إلى أهله مُحمَّلا بالرُّطب والحلوى والكهرباء والماء والهواء النقي وكراريس التعليم ، وبذور للزراعة وأوراق مكتوب فيها العلاج بالمجان .. الدواء بالمجان .. التعليم بالمجان .. والشرف والكرامة والصدق والوفاء والنُّبل والضمير الحي والعطف والنظافة والحب والعشق والأخوة والإخاء ..
وصلى الله على سيدنا محمد وآله الأطهار وأصحابه الأخيار ..
◈◈◈◇◈◈◈
من كتابات فضيلة السيد الشيخ محمد تحسين الحُسيني النقشبندي القادري رضي الله عنه وأرضاه