موقف الإمام الحسين (عليه السلام)
مَوْقفُ الإمام الحُسين (عليه السلام)
الحمد لله بحمدهِ نَفْقَأُ الفتن، والصَّلاةُ والسَّلام على سيدنا محمد وآله أهل البلاء والمحن.
وللكلام صلة .. فالحديثُ عن الروضة المُستريضة، والثمار اليانعة المضيئة، عن ابن الإمام نفس الرسول، وأمه الطاهرة البتول .. عن الإمام الحسين سيد شباب أهل الجنة، والأول في الدنيا قَبْلَ الأَجِنَّة، أفضل أهل الأرض في زمانه وبعده، وأرجح العُقول لنقل المعقول والمنقول، حُجة الدين لزمانه، وموطن العلم في مكانه، أعلم الباقين بلا منازع، وأطهر الأُرومات بلا مُقارع «حسينٌ مني وأنا من حسين»
خجلاً من خُباب، وعجبًا من حُبَاب، يَنْعِتُ أقوامًا أنهم قتلوا، وأنتم للذَّراري مُشَتَّلُ، لا توبةَ لكم مسموعة؛ لأَن الشرك في قُلوبكم مشربّة مصنوعة، أتقتلون خَلُوصَ المَعَادن منْبعًا, لا يشوبه شائب، ولا تُباريه الجُموع لعِلْمه الثاقب؟!!!
لعنةُ الله على من قَاتَلهُم وشَارَكَ وَشاوَرَ وشَاهَد ولم ينصر عِترة النبي نسبَ الرسول صلى الله عليه وآله، الناقلِ لعلمه عبر الزمان والفُصُول.
سيد الشهداء .. كلامُهُ حُجّة، وصمتُهُ موجة، لبيانه طَلَاوة السَّماء، ولشخْصِهِ مَكَانةُ السَّنَاء .. ألا لعنةُ الله على الظَّالمين.
الأبُ مقرونٌ بالمناقب، والأُم كالنَّجم الثَّاقب، والجد لنا كالماء، وللعَالَم هواء.. بورك من نَسَب، وحَسْبُه من حسب.
خَرَجَ للإِصلاح والعَدْل، ودَحْرِ الظلم والنَّذْل؛ لكي يكون رمزًا للعاشقين، وصونًا للأَحرار الناطقين.
إنهُ منبع السخاء ومُمهِّد الطريق والرخاء، هو الذاكرُ في المِحْراب، هو الشاكر صاحبُ الحق لا عن سَرَاب، وَقَفَ ضد الطُّغاة ناطقًا وضحّى بنفسه عَاشِقًا، كلامُهُ يسري في الأجيال كالرَّوض، وللسَّالكين مسبلة في حوض، ثباته من المهد إلى أَن سَلَّم العهد.
إنهُ ذو العود النَّحيف، والمَطْعَم العَفيف والظل الخفيف .. إنه ربيبُ بيت النبوة، أخذَ العلمَ بالقوة، لا يُباريه أحد، عِلْمُهُ صَمَد، آخر أهل الكساء، أول أهل العطاء.
قتلهُ الأوغاد، هم حطب جهنم لهم الأصفاد .. كبيرهُم صاحب المُجُون، وصغيرهُم في غاية الحُزون، نَسْلهُم من سِفَاح، لم يَعْرِفوا طُهْرَ النكاح، قد عُرفوا بِخسّة العِبَارة، وهم للنار حِجَارَةَ، سِمَاتُهم بُغضُ الآل إشارة، بنو سمية الشيطان من صَخْرٍ وَدم وحَرْب، أيُرجى من أخلاط الرجْس والنَّجَس والغدر خير ؟!.
هم الطُّلَقاء والمؤلفة قلوبهم، هم الشِّقَاقُ والنفاق وسوء الأخلاق، وجوهُهُم مغبرَّة مُصْفّرة، ضامرة الغدر عبر الأَجيال، جعلوا الدين نسْخًا، وأتوا بالشعائر مَسْخًا.
عَجَبًا لبعض العقول.. من أهل العلم والرشاد؛ تُدافع عن راية الشيطان، وتبغض أهل العشق والحب والغَلَيَان!! تُنَاصِرونَ من ليس لهم حَرْفٌ من المناقب غير الاسم والرسم، وبعض ما يفعله من كان للمُلْك عابدًا، ولحُب الدنيا رابداً ؟!! سلامًا على العُقَول القَاصِرة، وعلى الأبصار المُنحرفة عن الحق ناظرة، والويل ثم الويل لمن لا يحزنُ لحزن الرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
أخاطبُ من نَزَعَ ثوب الأهواء، وخرج من رداء الكبرياء، وأَحْرَقَ جُبَّة الجُهلاء، إِن الله سخط على أهل الأَرض يوم قُتل الحسين، والمذنب يُكفِّر عن السيئة.. لا يتطاول ولا يتمارى كُفراً.
إِن العِناد والقومية والطائفية والمذهبية ومعها السياسة قد غَيَّرت الدين والحقائق والتاريخ من أجل الدَّراهم اللَّامِعَة، ونسوا السَّلاسِلَ اللَّاسعة .. اكشفوا النّقاب لكي تتخلصوا من العقاب.
ويجب أن تُسطَّر ثورةُ الإمام الحسين في كراريسَ من حرير، وتُكتب بماء الذهب, وتُعلق على أبواب أهل العلم والمعرفة والسياسة، وأن نأخذ منها الِعبَر والاعتبار, وأن نجعل طريقَ دراستها مَهْيعًا ولمنهاجها موضعًا، ولا نجعلها كَسْبًا مذهبيًّا، ولا أمرًا خطيرًا منهيًّا؛ لنأخذ الحسين رايةً للإحساس، ونبتعد عن التزمت والالتباس, ونتعلم الجود، وإثبات أنفسنا في الوجُود، بأقواله السَّاطعة والوقوف في وجه الظلم بالبراهين القاطعة؛ فراية الإمام هي البداية لتجتمع هذه الأُمة وتسير إلى الغاية، فقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «تركتُ فيكم ما إِن تمسكتُم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله وعترتي آل بيتي» إِنُهُ الطريق؛ فمَن سَلَكَ سُبُلَ الرَشَاد اهتدى، وَنَالَ دَرَجَات التُّقى، ومن أراد الحقيقة حَنَثَ وابتعد عن الخلاف والخَبَثِ؛ فالعلم بالبحث وَالخَلاَ، والصبر على ما يجري من البَلَا، فقولُ الحق أعظُم الثواب، وَنصرة الآل قمةُ الصَّواب، فالمُباهَلَةُ والكساء والتطهير اعتقاد، وذِكْرهُم مع الطُّلقاء والمؤلفة قلوبهم لا يعني سوى الأحقاد؛ فكارثةُ قَتْلِ ابن الرسول خَرْم للإسلام وشق للدين وخُروج عن السنة، واستخفاف بوصية الرسول.
روحي فداك يا إمام الأحرار .. وقدوة الأبرار، وطريق الأخيار، وصوت الحق ضد الفُجَّار.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا جدي، فالخَـبرُ قَد وَصَلكَ ، ذاك إِذعاني أن مَقَامَكَ أضحى رَمزًا للأَخيار، وأَعداؤُك ليس لهم إلَّا الذُّلُ والعَار.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابهِ الغُر الميامين والحمد لله رب العالمين
المصدر: المدرسة المحمدية النقشبندية
تحرير: نورالدين الشيخ زياد الدلوي
الدعم الفني: seodanisman