زوبعة الشر
زَوْبعةُ الشَّر
أتعلمون ما الزَّوْبَعَة ؟؟
إعصارٌ يُدَاري التُّرابَ، ويُديرهُ على الأرض، ثمَّ يَرْفعهُ إلى السماء، ثم يُدْنيه .
أتعرفونَ ما الشَّر ؟؟
مَنْ أساءَ إلى الدين إساءةً كُبرى كان هو الأشَر .
عنوان المقالة : زوبعةُ الشر .. اسمٌ على مُسمَّى ، لأناسٍ قد تَسَلَّطوا على رقاب الأرض ، وهم يُثيرون الفتن ، ويشعلون النَّار ، ويزيدون الحَطَب ، ويُديرون الزَّيت ، ما مِنْ رجلٍ يُقتَل ، ولا امرأة تُهتَكُ ، ولا روح طفلٍ برئ تُزهَق، إلا وَلزَوبَعة الشَّرِّ أصلٌ وفَصْلٌ واشتِرَاك.
لماذا لا نَصْحو .. لماذا نحن في غَفْلَة .. إلى متى نَبْحَث عن اللون أسود وأبيض .. وَمَذْهبي وَقَومي .. وأنتَ من البَلَد الفُلاني .. وأنا من البَلَد الفُلاني .. وَعَشيرتي أقوى من عَشيرتكَ .. وأكثر عددًا .. وأنا أكثر مِنْكَ وَلدًا .. وهكذا القصَّة ..
ندورُ في دائرةٍ مُغلقة ( العَصَبية ) وَالقَبَلية .. وقد مَزَجنا العَصَبيةَ القَبَلية العربية بهذا الدِّين الطَّاهر .. دين التَّوحيد .. دينُ الرَّحمة .. دين الإنسانية .. دين التَّفاهم .. دين الحُرية .. دين العَدْل .. دين القَنَاعة .. دين التَّوكل .. دين الحُب .. دين العِشْق .. دين الود .. دين الحق .. دين الفَصْل ..
بماذا خَلَطنا هذا الدين .. خَلَطَناهُ بالعَصَبية ، ومن ثمار العَصَبية : المذهبية ، والصِّراع المذهبي ، والصِّرَاع القَبَليّ ، والصِّراع العَشَائري ، وَصَراع البيت الفُلاني والبيت الفلاني .. وصِراع المنصب ، وصراع السُّلطة ، والتَّمسك بالكرسي ، ألا لعنةُ الله على الكُرسي ..
كُرسيُّ السُّلطة السِّياسية المتشرِّب بالدِّمَاء وَالعَصَبية القَبَلية .. ويجب أن نَقِف ، وأن نَضَعَ النِّقَاط على الحُروف ، وأن نَفصِلَ وأن نَخرُجَ العَصَبية القَبَلية من هذا الدِّين الطَّاهر كي نتركَ الفِتْنَة ، والقتل، وكَبْت الآراء ، وَنَشْر فِكْرَة الاجتهاد الفَرْدي كأنَّهُ كتابٌ مُنزَّل .
انظروا إلى دُول الثقافة العلمية ، لا الثقافة الدينية ، يعيشون تحتَ سَقْف وظِلِّ الإنسانية ، وقد وَصَلوا إلى قمة الرَّفَاهية والحرية والبَسَاطة والعَيْشِ الهانئ ، ونحن لدينا القُرآن والأثَر النَّبوي ، وعُلماء الزُّهد ، وعُلماء السَّلام ، وحَدِّث مِنْ هَذَا فهُو كثير ..
ونحن نَتَقاتَل ونَتَصارَع ونَسرق ونكذب ، وبُلداننا أغنى البلاد بالمَشَارِق والمَغَارب ، وأعنيها : بلاد الإسلام ، من حُدودِهَا إلى حُدودها .. بِعَرَبِهَا ، وَفُرْسِهَا وَتُرْكِها وهِنْدِها .
انظروا في الخَريطة الجغرافية الاقتصادية لهذه البلاد ..
ترونها بلادَ المَعَادن والحَجَر ، وَالنَّفط ، والماء .. الماء .. الماء .. والشَّمس والهواء والتربةُ والأيدي العَامِلَة .. ولكنَّنا فَقْرٌ وجوعٌ ومَرَضٌ وغُرور وخُصوصًا يتصدَّون ويتسدَّونَ في الجانب الدِّيني والسِّياسي ..
أهكذا شِيمةُ العُلَماء .. غُرورٌ، وغَطْرَسةٌ، وَكَبْتٌ للآخرين ..
سؤالٌ يُسأل : أديننا رَحمةٌ أم نِقْمَة؟؟ ..
إذا كان رَحمة فعيشوا بسلام .. وخفِّفوا الصِّرَاع .. وَتُوبوا إلى الله .. ولا تَرْكبوا في سفينة زَوْبَعة الشَّر .. فمن سَارَ في هذه السفينة فمصيرهُ كالتُّراب .. الزَّوبعةٌ تَعْلو بِهِ ، وتدنو به ، وتذرُّهُ ذرًّا ولا تبقي له أثرًا .
هكذا حَالُ هذه الأمة.. الزوبعة قد استفحلت في هذه الأمة ، وبَدَأ الشَّرُّ يَتَطاير ، وَالشَّرر أصَابَ الصَّغير والكبير ..
أمةٌ جَائعةٌ فقيرةُ الثَّقافة .. وفَقيرةُ الحال ، وفقيرة فقيرة .. ليس لها إلا النَّقير والقِير ..
يا سائلي لا تلمني .. فقد طَفَح الكيل مما نرى من الظلم والطغيان والجشع والصور البشعة والحياة المُملَّة ..
أمةٌ في صِرَاع دائم .. قتلٌ وقُتول .. دِمَاءٌ وألوان .. آلامٌ وأحزان .
فأقول : ” يا سَاقي : قُمْ واسقِني و(اخْطُو) وَرنِّم ، ولا تنظُر إلى عَبَثِ السُّكَارى وتَمِّم ، إنَّ للاقتراح صوتًا ومعنى ، وَلقُلُوب أهلِ الشَّرِّ أشوَاكًا وسَلِّم” .
هكذا الحياةُ صورةٌ من السَّاق إلى السَّلام .. (( خَيْرُ النَّاسِ مَنْ نَفَعَ النَّاس)).
عِشْ في الحياة نافعًا لا تضرُّ .. كالدَّواء .. مُرُّ الطعم يُداوي .. والشارِبُ يشتمُكَ ..
النَّافعُ يحملُ الحُبَّ لا الشَّر .. هَلاكُ الأمَّة بكثرة أهلِ الفَتْوى ..
اللهمَّ وحِّد هذه الأمةَ بقلَّة مَنْ يُفتون ..
اللهمَّ قلِّل أهلَ الفتوى ..
اللهم اقطع لِسَانَ أهل الفَتْوى الضَّالين المُضلين … وأقصِدُ مَنْ أفتى لنفسه، وأخيه، ولنُصْرَة قَوْمه ومَذْهبه.
رُحماكَ يا رب .. يا أرحم الرَّاحمين ارحمنا ..
إنَّ هذه الأمةَ قد أصبحت كذرَّة غُبَار في دَوَران زَوْبَعة الشَّر ..
اللهمَّ أنقذنا من شِباكها وشِرَاكها .. وشِرْكها وضَلَالها ..
يا أرحم الراحمين .. إليكَ المشتكى .. وليس لدينا حول ولا قوة .. يا قوي يا عزيز .. أعزَّ الإسلامَ بنُصرة الإسلام .. لا بنُصرة مذهبٍ .. ولا طائفة .. ولا قوم .. ولا عُروبة .. ولا عُجمة ..
قدحُ ماءٍ وكِسْرة خُبز وثوب القناعة كنز الكنوز ..
وإن كان عَصير وَفَطِير وقطعة حلوى فهو الجنتين دنيا وآخرة ..
وإن كان ثوب القناعة ومال الدنيا وكرم الأنبياء فطوبى طوبى.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله الأطهار وأصحابه الأخيار.
◈◈◈◇◈◈◈
من كتابات فضيلة السيد الشيخ محمد تحسين الحُسيني النقشبندي القادري رضي الله عنه وأرضاه