سم النحل ( Bee venom )
نحل العسل معروف منذ القدم حيث عرفه الإغريقيون وتوصلوا إلى أن النحلة تموت عندما تلسع جلد الإنسان ،ثم اُكتشفت وثائق قديمة توثق كيف اُستخدم النحل في الأهداف العسكرية ،وتشير مخطوطات انجليزية تعود للعصور الوسطى إلى وجود تصميم لآلة قذف تقوم برمي طرود من النحل على قلعة بيزنطية أثناء الحرب.
أما في العصر الحديث ومنذ عام 1973 يتم استخدام سم النحل في الدواء وسُجل ذلك في 12 دولة في اوروبا و3 دول في آسيا و 3 في الأمريكية.
سم النحل : سائل شفاف ، عطري الرائحة ، مر الطعم وزنه النوعي 1.13 ، وهو مركب معقد من البروتينات والأنزيمات والأحماض الأمينية والزيوت الطيارة والتي يعتقد البعض بأنها هي التي تسبب الألم عند اللسع ،ومن الأحماض التي يحتوي عليها سم النحل حمض الخليك والهستامين والكبريت والكولين وفوسفات المغنيسيوم وآثار من النحاس والكالسيوم ،ويتلف سم النحل بالتسخين ولكنه لا يتأثر بالتبريد.
تمتلك الملكة والنحلة الشغالة آلة لسع بينما لا يمتلكها الذكور وتتواجد هذه الآلة في الأجزاء الخلفية من جسم النحلة مبتدئة بإبرة صغيرة وتنتهي بكيس السم ، والنحلة الشغالة اكثر النحل استخداماً للدغ وذلك لأنها من تقوم بحماية وحراسة الخلية وتتميز آلة اللسع فيها بأنها مستقيمة ومسننة تسنيناً عكسياً بينما آلة اللسع عند الملكة فهي مقوسة وملساء وأقل تسنيناً لذلك لا تفقد آلة اللسع عند استعمالها بخلاف الشغالة التي تفقدها عند اللدغ .
ويتكون جهاز اللدغ من ثلاث ازواج من الصفائح تُكوّن جهازاً يعمل على تحريك الرمحين عن طريق مجموعة من العضلات تتصل بها بحيث تعمل على دفع الرمحين داخل جسم الفريسة ثم انزال السم في الجرح ، ويتم تخزين سم النحل في خزان السم وتحقن سمها عن طريق آلة اللسع حيث تقوم بغرس الزبانة في الجلد وعند ابتعادها عن الجسم ينفصل كيس السم عن جسم الشغالة فتفقد آلة اللسع وبعدها تموت .
وعند خروج شغالة نحل العسل من الخلية السداسية في بداية حياتها يكون كيس السم محتوياً على كمية قليلة منه ، ثم تتزايد الكمية حتى تصل ذروتها في اليوم الرابع عشر ثم تضمر تدريجياً بدرجة بسيطة ،ويلاحظ أن كمية السم تكون كثيرة في الربيع والصيف وتقل في الخريف والشتاء وتزيد كمية السم إذا زادت نسبة المواد البروتينية عن الكربوهيدراتية في غذاء النحل.
وتقدر كمية ما تنتجه العاملة من السم خلال فترة حياتها بحوالي ٫85 ميللغراماً
يلجأ النحل إلى اللسع عند الدفاع عن الخلية حيث تتم حراسة الخلية من قبل شغالات نحل العسل الحارسة والتي تتراوح أعمارها ما بين 18-21 يوم وتعمل على حراسة مدخل الخلية لمنع دخول أي جسم غريب إلى الخلية، وتقوم بالتناوب على الحراسة وكل نحلة حارسة تمضي 1-2 ساعة في نوبة الحراسة وتتعرف على النحل الداخل إلى الخلية بفحصه عن طريق الرائحة ويستغرق فحص كل نحلة من 1-3 ثانية، وعند احتمال وجود خطر أو هجوم على الخلية فإن النحل الحارس يقف على أرجله الخلفية الأربعة ويرفع أرجله الأمامية لأعلى مع إبقاء قرون الاستشعار للأمام.
وتزداد أعداد الشغالات الحارسات المتواجدة في مدخل الخلية بحسب الموسم حيث انه في موسم فيض الرحيق يكون عددها قليل لانشغال معظم نحل الخلية في جمع الرحيق ، أما في المواسم التي فيها مصادر الرحيق فإن عددها يكون كبير ويقوم بفحص جميع النحل الداخل إلى الخلية.
وقبل أن نأتي على موضوع العلاج بسم النحل أو الاستخدامات الطبية لسم النحل نوضح بشكل اكبر تركيب سم النحل حيث انه يتكون بشكل أساسي من ثلاثة مكونات :
1- المكونات البروتينية:
- إنزيم الهيالورونيديز
- إنزيم فوسفوليبيز أ
- إنزيم الميليتين
وجميعهم يُكسب الجسم مناعة ويكونان فيه أجساماً مضادَة.
2- المكونات الببتيديه:
- سيكابين
- ببتيد ال MCD
- تيرتيابين
- ابامي
- بروكامين
- ببتيدات صغيره
3- أمينات نشطة:
- هستامين
- دوبامين
- نورادرينالين
- حامض الأمينوبيوتيرك Y
تاريخ الحساسية لسم النحل:
يعد Portier و Anaphylaxis في العام 1902 أول من اكتشف الموت الناتج عن فرط الحساسية،حدث هذا عندما قاما في أحد تجاربهما بجرح كلب ومحاولة تحصينه بكميات قليله من سم شقائق النعمان البحري ثم تلا ذلك اختباره بجرعة من سم النحل فمات سريعاً .
وفي عام 1925 ولأول مرة استخدمBraun أل Epinephrine كعلاج اختياري لإيقاف تفاعلات فرط الحساسية الناتج من لسع الحشرة ووضع البروتوكول لإزالة الحساسية من المريض حيث يبدأ الحقن بكميات ضئيلة لمدة عدة أيام تزداد هذه الكمية مع الأيام إلى أن تختفي الحساسية. وحتى العام 1980 استخدم الباحثون وغيرهم سم النحل من النحلة مباشرة بما يحويه السم من بروتينات ،حتى جاءت الدكتورة Mary Loveless وأوضحت انه يجب استخدام السم نفسه وليس بروتينات جسم النحلة،ونجحت في علاج الحساسية بالسم النقي وبدأ إنتاج السم على نطاق تجاري ، ومنذ العام 1980 وحتى الآن يستخدم سم النحل في العلاج المناعي Immunotherapy .
اللسع والعلاج بسم النحل:
عندما تقوم النحلة باللسع و نتيجة لانغراس آلة اللسع في الجلد فإنه يحدث ثقب صغير جداً مسبباً الألم والحكة الجلدية ويقتصر العلاج الموضعي على إزالة آلة اللسع واستخدام بعض المسكنات للمساحة التي لُسعت مثل كمادات الثلج أو المياه الباردة ، الخل،تدليك المنطقة ببصل ،عسل، امونيا،عجينة مصنوعة من حبوب الأسبرين،
ولعلاج الاحمرار يمكن استخدام مستحضر الكالامين (سيليكات الزنك المائية أو كربونات الزنك) أو المستحضرات الخاصة بالعض وسم الحشرات أو الماء الساخن .
أما في حالة التفاعل الجهازي حيث يصاب بعض الأشخاص بطفح جلدي أو يعانون من صعوبة في التنفس بعد اللسع هؤلاء يحتمل أن يكون عندهم حساسية لتفاعل سم النحل فإنه يوصى بشدة إعطائهم إسعاف أولي فوري كمضاد الهستامين،الأدرينالين ويجب استشارة الطبيب في ذلك ،وفي حال عدم القدرة على التنفس يجب استخدام الايروسول (بخاخ في الشعب الهوائية) .
العلاج بسم النحل تمت ممارسته منذ قديم الزمن حيث اُستخدم في علاج التهاب المفاصل وأمراض الالتهاب الأخرى،ويحتوي سم النحل على الأقل على 18 مادة نشطه منها الميللتين والذي يعتبر احد العوامل القوية ضد الالتهاب وكذلك أل Adolapin الذي يعتبر مادة قوية أخرى كما انه يقوم بتثبيط إنزيم الأكسدة الحلقي لذلك فهو يمتلك نشاط مسكن للألم وبناء على ذلك تمكن الباحثون من علاج الحمى الروماتيزمية وعلاج التهاب وآلام الأعصاب والمفاصل وعلاج الآلام المزمنة في الظهر والرقبة وعلاج التهاب الكبد الوبائي وعلاج ضغط الدم وعلاج الصداع المزمن والأرق وغيرها من الأمراض الأخرى
واليك عزيزي القارئ الطرق المتبعة لتطبيق العلاج بسم النحل:
– استخدام النحلة نفسها لإعطاء جرعة سم النحل.
– استخدام مستحضرات سم النحل :
أ- مستحضرات على شكل حقن.
ب- مستحضرات على شكل مراهم.
وكلا النوعان من المستحضرات موجودة في الأسواق والعيادات الخاصة وتتم بالكامل تحت الإشراف الطبي حيث يتم تجديد الجرعات ومواعيدها حسب الطبيب المعالج.
أما استخدام اللدغ فهو علاج رخيص الثمن ويقوم به القائمين على الطب الشعبي في كل أنحاء العالم ولكن يفضل أن يتم تحت رعاية طبية متخصصة وذلك لتفادي أية أضرار خاصة عند أولئك الأشخاص الذين لديهم حساسية لسم النحل حيث تزال هذه الحساسية في البداية ثم يبدأ برنامج العلاج بلسع النحل
وينصح قبل البدء بالعلاج بلسع النحل:
1- توفير أي مضاد للهستامين.
2- توفير عقار الأدرينالين.
3- يلدغ المريض أولا لدغة واحدة بالنحل في أي مكان في الجسم فإذا حدث انتفاخ مصحوب بألم فقط فلا ضرر من ذلك وليس دليل على فرط حساسية ويمكن استكمال العلاج بسهولة ، لكن إذا ظهر انتفاخ ورافقه ظهور بقع على جميع أنحاء الجسم وعانى الشخص من صعوبة في التنفس يتم في الحال إعطاؤه جرعة من مضاد الهستامين وإذا اشتدت الحالة يعطى جرعة من الأدرينالين ويوقف العلاج ويستعين بطبيب متخصص في الحساسية لإزالة الحساسية من جسمه حتى تزول وعندها يمكن استكمال العلاج.
وتأتي ايجابيات العلاج بلسع النحل انه لا يوجد مريض من المرضى الذين عولجوا بسم النحل قد تعرض للموت بينما تُسجل سنوياً العديد من حالات الوفاة بسبب الأدوية المستخدمة في علاج الحمى الروماتيزمية مثلاً ، كما أن المنطقة المتأثرة من الجسم بلسع النحل تحاول أن تشفي نفسها بسرعة بطريقة تفعيل سريان الدم فيها كما يمتلك سم النحل خاصية قوية للتعقيم من الجراثيم والفيروسات ،ويمكن اعتباره أفضل مضاد حيوي لمعادلته 1000 مرة قدرة البنسلين،ومما يجدر بنا ذكره أن الإنسان العادي يتحمل أكثر من ألف لسعة نحل.
إنتاج وجمع سم النحل :
استخلاص سم النحل أصبح سهلاً بفضل اكتشاف الصدمة الكهربائية التي تسبب بروز آلة اللسع واستجابتها لإفراز السم ،حيث ظهرت عدة تصاميم تعمل على هذا المبدأ منها آلةBenton المكونة من لوح خشبي مثبت فوقه أسلاك على مسافات قريبة من بعضها يوضع هذا اللوح في قاعدة صندوق الحضنة في خلية نحل العسل الأمر الذي يؤدي إلى تلامس اكبر كمية من النحل مع هذه الآلة وبتعرض النحل للتيار الكهربائي الضعيف الذي لا يزيد على 3 فولت تقوم النحلة بلسع قطعة النايلون المثبته تحت الأسلاك فيستقر السم على لوح زجاجي موضوع خلف قطعة النايلون مباشرة وبعد جفاف السم يُكشط بموس حاد وقد عُدّل على هذا التصميم وجاءت تصاميم أخرى كثيرة لجمع السم جافاً وغيرها لجمع السم السائل.
إعداد: د.نزار حداد
م.عمر العدوان
م.أنسام غنايم
………………………
المراجع العربية :
1- الجديد في العلاج بلدغ النحل – الأستاذ الدكتور اسامة الأنصاري
2- عالم النحل ومنتجاته – محمد عباس عبداللطيف
3- مملكة نحل العسل ومنتجاتها – علي المصري
المراجع الأجنبية :
1- The Hive and the Honey Bee – DADDANT