تعريف المَـس
** عالم الجن كما عالم الإنس فيه كثير من الجهلة ، ولذلك فقد يقع المَسًّ عن شهوة ، وهوى ، وعشق .
** وقد يكون – وهو الأكثر- عن بغض، ومجازاة مثل: أن يؤذيهم بعض الإنس، أو يظنوا أنهم يتعمدون أذاهم، إمَّا ببول على بعضهم، وإما بصب ماء حار، وإما بقتل أطفالهم خطأً، وإن كانت الإنس لا تعرف ذلك، وفي الجن كما في الإنس ظلم كبير، فيعاقـبون الذي وقع منه الأذى بأكثر مما يستحقه.
** وقد يكون عن لهو وتضييع وقت، أو بقصد العبث والإيذاء وحب الشر، تمامًا مثلما يقع من سفهاء الإنس.
كيف يقع المَـس :
** ويتمركز الجـن عند مَسِّه لجسم الإنسان في قواعد ثلاث مُعيَّـنة، أو واحدة منها، ويعمل على تغيير إشارات الجسم الكهربائية، مما يتسبب عنه اختلال بوظائف الأعضاء، ويؤدى ذلك إلى توقف عـُضو، أو أعـضاء في الجسم عن أداء المَهام التي يقوم بها، أو جانب منها، وهذه القواعد هـيَ:
** القاعدة الأولى: الغدَّة النخاميَّة: Gland Pituitary:
ويطلق عليها المايسترو، وهىَ القائد الأعلى لجميع الغدد الصَّمَّاء بالجسم، حيث إنها تستقبل الإشارات الواردة إليها من المخ عن طريق غدة الوطاء، فتفرز على الأقل ستة هرمونات رئاسيَّة، تحمل الأوامر المُباشرة إلى جميع الغدد الأخرى الموجودة بالجسم، وتقوم بإرسال هذه الأوامر عن طريق جذع المخ إلى الجهاز العصبي عبر النخاع الشوكي إلى أماكنها في الجسم، وبذلك فإنها مسئولة عن أداء الغدد الأخرى لعملها، هذا بالإضافة إلى أنها تفرز هرمون النمو الذي يقوم بدوره الفعَّال في نمو الإنسان، ولذلك فهي تبدأ بالظهور لأوَّل مرة بعد أربعة أسابيع من عمر الجنين بحجم رأس الدبوس، ثم تباشر فوراً العمل لبناء أعضاء الجنين بما يحويه من دقائق الخلق.
** القاعـدة الثانيــة: الضفـيرة الشمسية.
ومكانها: في منطقة البطن.
وهِـيَ: تختـزن الطاقة الكـُليَّـة، التي تتحكم في حركة الجسم، والسَّاقين، والطاقة الجنسية.
وعدم التوازن فيها يؤدي إلى: الإمساك، وأمْرَاض الأمعاء، وعضلات البطن، والجهاز العصبي، والقولون، ومنطقة العجز، والضعف الجنسي عند الرِّجال.
** القاعـدة الثـالثة: مركـز الكُـليتان .
مكانها : أعلى منتصف عظمة الحوض مباشرة .
والسيطرة على هذه القاعدة: يوقف عمل الطاقة الجنسية، أو يـُضعفها، أو يـُسببُ فيها اضطراباً، ويُـثبطها.
أنـواعُ المَـس :
** أولا: المَـسُّ العَارض: يُصابُ بهِ الإنسان في لحظة: انفعال شديد، أو غضب عارم، أو حـزن أليـم، يحدث معها فوران في الـدَّورة الـدَّموية، فينتهز الشيطان الغازي تلك اللحظة، ويضرب الإنسان ضربة واحدة في الغـُدَّة النخاميَّة، بقاعدة المـُخ، ينتج عنها غالباً حدُوث: بؤرة نشطة في المـُخ، عـُبَارة عن: زيادة الكهرباء في بؤرة معيَّـنة، أكثر من المعدَّل، فتـُؤثر على المَمسوس لفترة من الزمن قد تطول، أو تؤثر عليه بقية حياته.
** ثانيًا: المَـسُّ الطَّائفي: وهو قوله تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ{، سورة الأعراف، الآية رقم: 201، ويكون من خارج الهالة الحيوية للإنسان دون المَساس بها، وينتج عنه إمَّا خللاً عامًا أو خللاً جزئيًا:
** الخلل العام: يعُـمُّ كل أعضاء الجسم، أو بعضها، ويكون بفقد القدرة على التركيز، والنسيان الشديد، وزوغان البصر، وشخوص العين، وشـرود، وفقـد الإحساس.
** الخلل الجزئي: يقع على عُضو مُعَيَّن من الجسم، فيَحْدُثُ قصوراً في أدائه لوظائفه، وغالباً ما يقع هذا النوع من المَسِّ لفترة مُعَيَّنة تطول، أو تقصر، مثل حالات الـربط الجنسـي.
** ثالثا: المَـسُّ المُسْتمر: وهو من أصعب الأنواع التي يُمكن أن تصيبُ الإنسان في الحالات التي تخـبو فيها هالته، لفترة طويلة من الوقت، ويحدث ذلك في الحالات الآتية:
** الغفلة الطويلة ** الغضب العارم **
** الخوف الشديد ** الانكباب على الشهوات **
** وفي تلك الحالات يجد الجنُّ الفرصة سانحة أمامه لكي يتلاعب مع الإنسان بسلام ، دون أن يُصَاب بأذى ، مِمَّا يترتـَّب عليه ضرر بالغ لذلك الإنسان ، وخلل ظاهر في تصرفات المَمسوس وفقدانه السيطرة على نفسه، وتقدحُ عـيناهُ بالشرر، مَـعَ احمرار ظاهر لبياضها، لأنَّ الجن من عالم الطيف غير المنظور، تردداته عالية جداً، تجعل المَمْسُوس يشعرُ بأن هُناك نارٌ تشتعل فيه.
وإنَّ من أصعب اللحظات وأشدها حرجاً في حياة الجن، تلك التي يَعْـبُر فيها هالة الإنسان، حيث يتمكن منه ويتلاعب بإحدى المراكـز التي أوردناها آنفًا، إذ أنه يمكن أن يَحترق في لحظة أثناء عُـبوره، ويفقد حياته، وهو يعرف ذلك جيدًا ويحرصُ على ألا يُوردُ نفسه مَوارد التهلكة.
** ولنضرب مثلا: إذا أرَادَ جنِّيٌ أن يَمَسَّ إنساناَ مُعيناً، فإنه ينظر إلى هالته، فإذا رآهَا من النـَّوع السَّاطِع، الذي لا يُـمْكنُ الاقـتراب خاف على حياته، فيقضي أيامه ولياليه يتابعُ ذلك الإنسان، حتى يقع في غفلة شديدة يضْعُفُ فيها إيمانه، أو يَـنكبُّ على شهَوَاتٍ مُحرَّمةٍ، تـُنسيهِ خَشيَة الله تعالى، أو يقع في خَوْفٍ شديدٍ، يَملك عليه كيانه، أو يفقد السيطرة على أعصابه، في نوبة غضب جنونية، هنا فقط تضعف الهالة، تخبو ويتغير لونـُها، فيَعبُرُها الجني بسلام.. لكي يتحكم بالمركز الذي يُريده في جسم الإنسان.
** وعند عُبوره يُسَارعُ مُباشرة إلى: تغيير القيم الكهربائية للجسم، والتلاعب في الإشارات الصَّادرة إلي الأعضَاء، فيبدو من الإنسان ما لم يكن مألوفا من قبل، سواء كان هذا التغيير في الهيئة، أو الكلام، أو الحركات، أوالسلوك، بل يتغيَّرُ تفكير المَمْسُوس، ولا يُصبحُ سَوياً.
** ويكون من نتيجة ذلك أن يقع تشوهاً بالهَالة يَراه الجن العَابرُون – وهم كثيرون-، فيعرفون أن هذا الجسد الآدمي، قد أصبح مَرتعاً خصيبا لهم، ومأوى يعبثون فيه كيفما أرادوا؛ لأنَّ صاحبه قـد فـرَّط فيـه، فأصبح متاعاً مباحاً لهم.
** ثم تبدأ مرحلة الدفاع المُضاد بعد فوات الأوان، من الإنسان المَمْسُوس، والمُحيطين به، ضد مَجموع الجن، والشياطين، العابثون، أو الغازون لذلك الجسد، ولكن هيهات أن تعود الهَالة لحالتها الأولى، إلا بمحاولات مُستمرة ومضنية تدوم الليل والنهار لا تفتر بهدف كسب المَعركة الشرسة والخروج منها بما يَحفظ مَاء الوجه للإنسان.
** ورُبَّمَا تعودُ الهالة إلى طبيعتها الأولى، بعد فترة طويلة من الزمن، ويكون ظاهراً عليها بوضوح للناظرين من الجن أثر المعركة السابقة، ولذلك يستوجب على الإنسان المُحافظة على نفسه من الأسباب التي قد تؤدي به إلى خوض تلك التجربة المريرة.