العلماء أفسدوا الساسة
العُلماءُ أفسَدوا السَّاسَة
المفاهيمُ معكوسَة ، والعكسُ هو الصَّحيح ؛ فالسياسةُ خلاف الواقع في هذا الزمان المُريب الغريب ولا أقصدُ الوقت بل أهلُ الزَّمان وخصوصًا أمة الشَّرق التي استخدمت السياسة في
كل الميادين .. حتى المواطن المسكين صاحب الحرفة والمهنة يعمل بالسياسة ويتبنى لغتها وأفعالها المبنية على المُراوغة والكذب ، فترى الكذَّاب هو الصادق ، والسَّارق هو الأمين ، والخبيث هو الطيب ، وحَدِّث ولا حرج دون أن تقف ولا تُنقِّط .. والمفاهيمُ قد تغيرت من وإلى .. ويا حسرتي على ( إلى) تحمل التبعات دائمًا مثل الديموقراطية هي في بلادنا استبداد وتسلط وعُمق ليس لنا حظ منها إلا الشِّعار والشِّغار ، وأما العدلُ فهو الظُّلم والتَّشريدُ والقتل والسجن والموت دون استخدام أو تفعيل ( الياسة ) ، فما وجدنا محاكمة ..
عجبًا ليس حمقًا بأني أرى الناسَ يُصفقون للظالمين ، وينعتون بألفاظ وصفات هي للأنبياء والرُّسل !!
عجبًا ألف مرة وتزيد .. ماذا فعلتَ يا جهلُ بهذه الأمة المرحومة ، والله لو كنتَ رجلا لقتلتُكَ وقتلتُكَ ، فليحيا العِلْم ، ولأمُت أنا فداءً للقلم ..
يا جهلُ ماذا فعلتَ بهذه الأمة المرحومة التي فيها دعائم وركائز لم تكُن لأي أمة ففينا خاتم النبيين ، وعندنا القبلتان ، وكل الأنبياء موطنهم فينا ، ودساتير السَّماء عندنا ، وعندنا الشمس والهواء والتراب ، وما تحته وما فوقه والمال والقلم ، ولكن فينا الفقر والجهل والجوع والمرض والتعصب والتفرق والصراع والسب والنهب والسلب لأننا اتكأنا على الدعائم بفعل الجرائم ، واستخدام الألفاظ القومية والمذهبية والطائفية للتسلل إلى قلوب العوام البسطاء ، واستغلال طاقاتهم للبقاء والحفاظ على المنصب والكُرسي ..
هكذا أمةُ الشَّرق .. اتفاق ما بين رجال الدين حُراس أبواب رجال السياسة ، ورجال السياسة بالتملق والعطاء سلبوا لُبَّ رجال الدين ، وهذه الأمة بين فَكّيْن الجوع والظلم .. الجوع ينبثق من فساد المُجتمع المادي والروحي ، والظُّلمُ ينتج عنه فقدان المجتمع لروحية الإنسان والإنسانية ، والسكوت الطويل نتاجه وخيم لأن الظلم له أظفار وجذور فيسري ويستوطن فإن أردتَ قَلْعَهُ دَمَّر نفسَهُ وما حوله ..
أهكذا يا أمةَ القُرآن والأثر .. تراجعتُم من بين الأمم حتى وَسَموكُم بالعالم الثالث ، ولم يُسمّوكُم ..
وأنتم المسلمون سمَّاكم الله : (( مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ ))
أتعرفون ما معنى مُسلم ؟؟
معناه : ( مَنٌ فَضْلُهُ قَدْ عَمَّ العَالَمِين )
ولكنكم قد حرفتُم الكلمة كسابقتها لأنكم قدَّمتُم الدينَ بأسلوبٍ لا يليق .
يا رجالَ الحق والحقيقة والعلم والمعرفة .. انشروا العلم وامحوا الأمية من الأمة كي تنهض وتسعى وتخرج من هذا المأزق ..
قوموا وأمسكوا بأيدي الناس لكي تُخرجوا الظالمين والطُّغاة من بين أظهركم إلى ساحات القصاص ..
يا أهل العلم من كل الأديان والمذاهب ..
اجعلوا التَّقوى حصنًا تتقون به فتنة الدُّنيا ، ومنزلقاتها من المال والجاه والكبرياء المُزيَّف حتى تؤثروا في النفوس ..
يا أهلَ الكلمة الحقَّة :
اتبعوا القول الحَسَن ، واعملوا به كي تنجوا وتستقيموا ولا تلتفتوا لمن هذا القول أهو من أي الأقوام أو المذاهب ..
يا أهل المعرفة .. إياكم وجعل الحُجُب بينكم وبين الناس فهذا أول الضلال ، وهو ثوب الشيطان ..
يا أهل العلم الرِّضا يجلب الطُّمأنينة والبركة والخير والتوفيق .. علّموهُ الناسَ .. ازرعوهُ في الصغار والكبار كي يسود الحب ؛ لأن الرِّضا أساس كل خير ، والسخط أساس كل شر .
يا أهل العِلْم : الرجوع إلى الله والإيمان به وتوحيده والتوسل والخضوع إليه يصقل الطباع ويجعل الاستقامة ديدن النفس ، ويطرد كل الأوهام ، ويغلق كل طرق الأسقام .
يا علماء : إذا صلحتُم صلحت الأمة ، وإذا فسدتُم فَسَدت الأمة ، والويل كل الويل لمن عرف فَخَالف من أجل هواه أو نزعة عصبية ، أو أخذتهُ العزة بالإثم ..
اللهم نجنا من الظالمين
اللهم اشرح صُدورنا للإيمان
اللهم ثبتنا على لا إله إلا الله
يا أرحم الراحمين
وصلى الله على سيدنا محمد وآله الأطهار وأصحابه الأخيار
◈◈◈◇◈◈◈
من كتابات فضيلة السيد الشيخ محمد تحسين الحُسيني النقشبندي القادري قدس الله سره